وأول الحياة ... لقاء وفراق

في زمن انتشر فيه الجهل... في بلدة قالوا عنها مركزالكرة الأرضية ... قيل عنها أم القرى .. حدودها من الشمال والجنوب والشرق والغرب ليس إلا كفر مطلق ... أو شرك بضلال ... وقلوب صلبة لا تعرف الرحمة ... وأناس يتبعون الهوى

التقت أسرتان من ذوي النسب والمال والشهرة في جزيرة العرب ليبدأوا تأسيس فرع جديد لهما من جيل جديد ...قبيلة بني هاشم ... وقبيلة بني زهرة

وعقد الزفاف ... عبدالله بن عبد المطلب بن هاشم ... وهو يومئذ أحب أولاد عبد المطلب لأبيه .... والفتاة ... هي آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة ,وهي بنت سيد قومها وخير بنات القوم

وإذا ذكرنا الزواج نذكر معه الحب ... وذكرنا أن عبدالله كان أحب الولد لأبيه ...عبد الله بن عبد المطلب من نسل النبي المبارك اسماعيل عليه السلام والذي سمي بالذبيح وقد فداه ربه بكبش عظيم حيث قال في الآية " وفديناه بذبح عظيم" ... والعجيب أن عبدالله قد سمي بالذبيح أيضًا وقد فداه أبوه بمائة من الابل مقابل أن يوفي بنذره ... ومنعه من ذبحه حبه له ..بل منعه قومه من ذبحه لحبهم له ... ومن حب في اللقاء ننتقل إلى حب في الفراق ... حيث يرسل عبد المطلب ولده عبد الله بعد زواجه للتجارة في الشام ... وقيل بعثه ليتمر لهم ... وهناك تكون الرحلة الأخيرة لعبد الله ويلاقي ربه وفي رحم امرأته نور العالمين وخاتم النبيين والمرسلين

وقامت آمنة تنعي زوجها بأبيات جميلة ... جلبتها لكم من كتاب الرحيق المختوم

عفا جانب البطحاء من ابن هاشم ... وجاور لحدًا خارجًا في الغماغم

دعته المنايا دعوة فأجابها ... وما تركت في الناس مثل ابن هاشم

عشية راحوا يحملون سريره ... تعـاوره أصحـابه فـي التـزاحم

فإن تك غالته المنايا وريبها ... فقد كان معطاء كثير التـراحم

وكان كل ما تركه عبدالله خلفه جارية حبشية هي أم أيمن حاضنة النبي ، وخمسة جمال وقطعة غنم

وكان مما تركه وراءه أيضًا ... ولم يره ... خاتم الرسل والنبيين ... محمد بن عبد الله ... الصادق الأمين